المصدر / سمر فتحي
مشروع “E1”.. استيطان إسرائيلي يهدد وحدة الضفة الغربية ويقوّض حل الدولتين
تواصل إسرائيل تكثيف سياسات الاستيطان في الضفة الغربية، في إطار خطة شاملة لفرض واقع ديموغرافي وجغرافي جديد يعزز سيطرتها على مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية، ويقوّض أي فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وفي هذا السياق، أعلنت الحكومة الإسرائيلية إطلاق مشروع استيطاني ضخم في منطقة “E1” شرق القدس، وهو من أخطر المخططات الاستيطانية نظرًا لتأثيره المباشر على وحدة الضفة الغربية وتواصلها الجغرافي. ويشمل المشروع توسيع المستوطنات القائمة، وبناء مستوطنات جديدة، وشق طرق التفافية تحول دون قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
من جانبها، أكدت مصر رفضها القاطع لمشروعات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، محذرة من خطورة مخطط “E1” على استقرار المنطقة ومستقبل عملية السلام، ومشددة على أن هذه السياسات تنسف أسس حل الدولتين، وتقوض إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ودعت القاهرة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته ووقف الانتهاكات الإسرائيلية عبر تفعيل القرارات الأممية ذات الصلة.
وقد أثار المشروع موجة واسعة من التحذيرات الدولية، إذ أصدرت 22 دولة أوروبية بيانًا مشتركًا أدانت فيه بشدة مصادقة إسرائيل على مشروع “E1”، معتبرة أنه يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا لفرص السلام. كما حذرت هذه الدول من أن استمرار التوسع الاستيطاني سيؤدي إلى تغذية دوامة العنف وتعقيد الأوضاع الميدانية.
وانضمت كل من كندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا إلى الموقف الأوروبي بإدانة المشروع، فيما أصدرت 57 دولة عربية وإسلامية بيانات رافضة أكدت فيها أن أي توسع استيطاني جديد يقوّض فرص السلام ويخرق القانون الدولي، مع التشديد على حماية القدس الشرقية ووقف جميع أشكال الاستيطان.
وتقع منطقة “E1” شرق القدس المحتلة، على مساحة تقارب 12 كيلومترًا مربعًا، وتربط المدينة بمستوطنة معاليه أدوميم. ويتضمن المشروع بناء آلاف الوحدات الاستيطانية وشق طرق التفافية تعزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني، وتفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، فضلًا عن تهديد تجمعات بدوية فلسطينية مثل خان الأحمر بالتهجير القسري.
وتُظهر الإحصاءات أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية تجاوز 670 ألفًا عام 2025، بواقع 450 ألفًا في الضفة (من دون القدس) وأكثر من 220 ألفًا في القدس الشرقية وحدها. كما شهد الاستيطان طفرة غير مسبوقة في ظل الحكومة الحالية، حيث ارتفع عدد البؤر الاستيطانية العشوائية بنسبة 40%، مع الموافقة على أكثر من 41 ألف وحدة استيطانية جديدة في 2025، وهو الرقم الأعلى منذ احتلال عام 1967.
ويأتي مشروع “E1” كجزء من سياسة إسرائيلية أوسع لربط الكتل الاستيطانية عبر شبكة واسعة من الطرق، بما يحول المدن والقرى الفلسطينية إلى كانتونات معزولة، ويجعل إقامة دولة فلسطينية مستقلة أمرًا شبه مستحيل.
وبالرغم من الإدانات العربية والدولية الواسعة، تمضي إسرائيل في استراتيجيتها القائمة على فرض حل أحادي على الأرض، حيث يبقى مشروع “E1” نقطة مفصلية، إذ إن تنفيذه سيعني شطر الضفة الغربية وعزل القدس الشرقية بالكامل، ليجعل أي حل سياسي قائم على حدود 1967 أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.