المصدر / غربة نيوز
كهف موفيلي: عالم مخفي تحت الأرض يعود بـ5.5 مليون سنة
في رومانيا، اكتشف فريق من الباحثين كهفًا غامضًا يُدعى "موفيلي"، ظل مغلقًا تمامًا عن العالم الخارجي لمدة تزيد عن خمسة ملايين سنة بسبب سقوط صخرة ضخمة سدّت مدخله، الكهف يتميز ببيئة قاتمة وسامة للغاية، لكن رغم ذلك، يحتوي على نظام بيئي فريد من نوعه يضم العديد من الكائنات الحية التي لم تُعرف من قبل.
تم الكشف عن الكهف بالصدفة خلال أعمال بحث عن موقع لإنشاء محطة نووية، وأصبح الدخول إليه مقتصرًا على الأفراد الحاصلين على تصاريح خاصة نظرًا لخطورة الأجواء الداخلية، والتي تتسم بضيق الممرات واحتوائها على هواء سام.
تشير الدراسات إلى أن نسبة الأكسجين في الكهف تقل كثيرًا عن تلك الموجودة في الهواء العادي، في حين تتزايد فيه غازات مثل ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين، ورغم هذه الظروف القاسية والظلام الدائم، تمكنت الحياة من الازدهار هناك.
وعثر العلماء على عشرات الأنواع الجديدة من المخلوقات مثل العناكب والعقارب الصغيرة والقواقع والديدان، بالإضافة إلى كائنات بلا عيون ولا ألوان، تعيش في الظلام ولا تحتاج إلى الرؤية.
يعتمد هذا النظام البيئي على بكتيريا خاصة تقوم بإنتاج الغذاء من خلال تفاعلات كيميائية تعرف بالتمثيل الكيميائي، حيث تعيش هذه البكتيريا على جدران الكهف وفي طبقة رغوية فوق المياه، وتشكل أساس الغذاء لباقي الكائنات الحية.
يُعتبر كهف موفيلي نموذجًا فريدًا يعكس الظروف البيئية للأرض في عصورها القديمة، عندما كان الغلاف الجوي مليئًا بغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، وكانت الحياة في بداياتها ضمن بيئات قاسية وخالية من الضوء.
والأكثر إثارة أن هذه البكتيريا تمتلك قدرة على امتصاص غازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، مما يفتح آفاقًا جديدة لدراسات قد تسهم في ابتكار حلول بيئية لمكافحة تغير المناخ مستقبلاً.
هذا الكهف يمثل شهادة حية على قدرة الحياة في التكيف والبقاء في أصعب الظروف، ويوفر فرصة فريدة لفهم كيف كانت الأرض قبل ملايين السنين وكيف يمكن استغلال هذا الفهم لمواجهة تحديات العصر الحالي.