المصدر / شيماء مصطفى
قمة البيت الأبيض تُطلق اتفاق سلام تاريخي بين يريفان وباكو وتدشّن "ممر ترامب".. وإيران تحذّر من تهديد لأمنها القومي
اتفاق تاريخي في القوقاز برعاية أميركية.. ممر "ترامب للسلام" يعيد رسم خريطة النفوذ
البيت الأبيض يحتضن قمة فاصلة بين أذربيجان وأرمينيا.. وإيران تحذر من تهديد لأمنها القومي
في مشهد وُصف بالتاريخي، استضاف البيت الأبيض، اليوم الجمعة، قمة غير مسبوقة جمعت بين رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بهدف توقيع اتفاق سلام رسمي يُنهي عقوداً من النزاع الدموي في منطقة القوقاز.
هذا الحدث، الذي يحظى باهتمام إقليمي ودولي واسع، اعتبرته مصادر دبلوماسية بداية "تحول جيواستراتيجي" في جنوب القوقاز، ضمن هجوم دبلوماسي أميركي منسّق لإعادة تموضع واشنطن على حساب تراجع النفوذين الروسي والإيراني في المنطقة.
تفاصيل الاتفاقات: تعاون استراتيجي ومشروعات إقليمية ضخمة
خلال القمة، جرى الإعلان عن حزمة من الوثائق والتفاهمات، من أبرزها:
توقيع اتفاق سلام رسمي بين أرمينيا وأذربيجان.
إبرام اتفاقية شراكة استراتيجية بين أذربيجان والولايات المتحدة.
تمديد الشراكة الأميركية الأرمينية الموقعة في عهد بايدن.
تعليق البند 907 من قانون "دعم الحرية" الذي كان يمنع المساعدات الأميركية المباشرة لأذربيجان منذ 1992.
توقيع مذكرة تفاهم بين شركة "سوكار" الأذربيجانية و"إكسون موبيل" الأميركية.
تشكيل فريق عمل استراتيجي مشترك بين باكو وواشنطن لتعزيز التعاون في مجالات: الطاقة، النقل، الذكاء الاصطناعي، الدفاع، والبنية الرقمية.
أبرز ما جاء في الاتفاقات هو إطلاق مشروع "ممر ترامب للسلام والازدهار الدولي" (TRIPP) عبر ممر زنغزور الاستراتيجي، الذي سيربط أراضي أذربيجان بجمهورية نخجوان ذات الحكم الذاتي، ومن هناك إلى تركيا، ما يمنح باكو منفذاً مباشراً على أوروبا وآسيا عبر خطوط نقل بعيدة عن الأراضي الإيرانية والروسية.
وبحسب تسريبات إعلامية تركية، فقد مُنحت شركة عسكرية أميركية خاصة حق إدارة الممر وتطويره لمدة 99 عاماً، بموجب قانون أرميني خاص أُقر مؤخراً.
إيران تلوّح برد قاسٍ وتحذّر من إعادة رسم الجغرافيا
وفي المقابل، قوبلت هذه التحركات برفض حاد من طهران. فقد اعتبرت إيران ممر زنغزور "تهديداً مباشراً لأمنها القومي"، حيث صرّح علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني، أن "أي محاولة لإعادة رسم خرائط المنطقة ستُواجَه برد صارم"، مؤكداً أن طهران لن تسمح بأي ممر يعزلها عن حلفائها أو يهدد سيادتها.
كما حذرت الخارجية الإيرانية من أن التغييرات الجغرافية التي لا تحترم الحدود المعترف بها "تمثل خرقاً للتوازن الإقليمي"، رغم تأكيدها استعداد طهران لتوسيع التعاون الإقليمي "ضمن احترام السيادة الوطنية".
تحوّل جيوسياسي: واشنطن تزيح موسكو وطهران من القوقاز
بحسب محللين في معهد هدسون، فإن ما يحدث ليس اتفاقاً معزولاً بل يمثل بداية لحقبة جديدة من النفوذ الأميركي في أوراسيا. الباحث لوك كوفي أشار إلى أن توقيت القمة يتزامن مع انقضاء مهلة أميركية لروسيا بشأن الحرب في أوكرانيا، مما يعزز نظرية انكفاء موسكو وتراجع قدرتها على التأثير في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة.
السيناتور الجمهوري ستيف دينز وصف الاتفاق بأنه "نصر استراتيجي للأمن القومي الأميركي"، معتبراً أن ربط دول آسيا الوسطى بأوروبا من دون المرور عبر روسيا أو إيران "يكسر احتكار الطرق التقليدية".
البُعد الإسرائيلي وتطبيع محتمل مع باكو
تقارير صحفية ربطت الاتفاق بمحاولة واشنطن إدراج أذربيجان في اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. خطوة من شأنها أن تزيد التوتر بين باكو وطهران، خصوصاً في ظل العلاقة الوثيقة بين أذربيجان وتل أبيب، والتعاون العسكري والتقني المتزايد بينهما.
خاتمة: نهاية نزاع أم بداية صراع نفوذ جديد؟
الاتفاق المرتقب يضع حداً لصراع دموي استمر لعقود في إقليم ناغورنو كاراباخ وما حوله، لكنه يفتح في الوقت نفسه صفحة جديدة من التنافس الجيوسياسي بين القوى الإقليمية والدولية في القوقاز.
ويبقى السؤال: هل سيقود هذا الاتفاق إلى سلام دائم وتنمية اقتصادية واسعة؟ أم سيكون بداية لصراع نفوذ جديد بين واشنطن وطهران وموسكو في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية وتعقيداً