المصدر / شيماء مصطفى
هيئة محلفين كبرى تحقق في اتهامات بتلفيق تقارير استخباراتية للتأثير على انتخابات 2016.. ومكتب أوباما يرد
في تطور غير مسبوق قد يعيد فتح أحد أكثر الملفات السياسية تعقيداً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، أمرت النائب العام بام بوندي بفتح تحقيق جنائي عبر هيئة محلفين كبرى، بشأن مزاعم تفيد بتورط مسؤولين بارزين في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما في تلفيق معلومات استخباراتية عن تدخل روسي مزعوم في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
وجاء القرار استناداً إلى إحالة رسمية من مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي كشفت وثائق رفعت عنها السرية مؤخراً، تزعم أنها تقوض الأسس التي بُنيت عليها استنتاجات إدارة أوباما بشأن الدور الروسي في دعم حملة دونالد ترامب ضد هيلاري كلينتون.
وفقاً لمصادر مطلعة نقلت عنها شبكة "سي إن إن"، فإن هيئة المحلفين الكبرى باتت مخولة بإصدار مذكرات استدعاء لمسؤولين سابقين، تمهيداً لتحقيق شامل قد يفضي إلى توجيه لوائح اتهام. وتكمن خطورة هذه الخطوة في احتمالية أن تشمل شخصيات سياسية بارزة، ما قد يؤدي إلى إعادة إشعال الجدل حول حياد ونزاهة أجهزة الاستخبارات الأميركية.
وفي حين امتنعت وزارة العدل عن التعليق المباشر على مجريات التحقيق، أكدت في بيان مقتضب أن النائب العام بوندي "تأخذ المعلومات المحالة على محمل الجد"، معتبرة أن هناك "أسباباً حقيقية للقلق تستوجب التحقيق".
لكن المفارقة تكمن في أن الوثائق التي كشفتها غابارد، رغم ما تتضمنه من تشكيك في دوافع أجهزة أوباما، لم تنفِ فعلياً ما توصلت إليه تقارير استخباراتية أميركية عام 2017 من أن روسيا بالفعل تدخلت في الانتخابات بهدف الإضرار بكلينتون وتعزيز فرص ترامب، عبر هجمات إلكترونية وتسريبات إعلامية وحملات تضليل عبر الإنترنت.
وفي رد على التطورات، أصدر مكتب أوباما بياناً مطلع يوليو الماضي، وصف فيه اتهامات إدارة ترامب بأنها "مزاعم عبثية تهدف لصرف الانتباه"، مؤكداً أن "لا شيء في الوثائق الجديدة يقوّض الاستنتاج المقبول على نطاق واسع بأن روسيا حاولت فعلاً التأثير في نتائج الانتخابات الأميركية".
وتعيد هذه القضية إلى الأذهان أجواء التوتر السياسي التي أعقبت انتخابات 2016، والتي أدت لاحقاً إلى تحقيقات موسعة قادها المستشار الخاص روبرت مولر. ورغم أن تقرير مولر لم يثبت وجود تواطؤ جنائي مباشر بين حملة ترامب والكرملين، إلا أنه سلّط الضوء على وجود اتصالات مريبة، وأثار تساؤلات حول مدى تدخل ترامب في مسار التحقيق.
ومع بدء التحقيق الجديد، تجد الولايات المتحدة نفسها مرة أخرى أمام مشهد سياسي مشحون، تعود فيه ملفات الماضي لتفرض نفسها على حاضر انتخابي لا يخلو من الانقسامات والشكوك، في وقت تستعد فيه البلاد لاستحقاق رئاسي جديد قد يتأثر بشكل مباشر بنتائج هذا التحقيق.