المصدر / شيماء مصطفى
جلسة حكومية "تاريخية" تبحث احتكار السلاح بيد الجيش.. وحلفاء الحزب يبدون تراجعاً لافتاً
لبنان على مفترق حاسم.. جلسة وزارية "تاريخية" تفتح ملف سلاح حزب الله وحلفاؤه يتراجعون
في مشهد غير مسبوق منذ سنوات، يترقب اللبنانيون بحذر شديد ما ستُسفر عنه جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها اليوم الثلاثاء في القصر الجمهوري، والتي وُصفت بـ"التاريخية"، لكونها ستتناول أحد أكثر الملفات حساسية في البلاد: سلاح حزب الله.
وتأتي هذه الجلسة وسط تحولات سياسية لافتة في مواقف بعض القوى الحليفة للحزب، في وقت يشهد فيه لبنان توتراً سياسياً وأمنياً متصاعداً، زادت حدّته بعد مسيرات ليلية مؤيدة لحزب الله وقيام الجيش بنشر وحدات عسكرية في مناطق حساسة تحسباً لأي انفلات أمني.
اختبار سيادي و"امتحان تاريخي"
النائب ميشال دويهي اعتبر الجلسة "أبعد من عادية"، مؤكداً عبر منصة "إكس" أن "ما يحدث اليوم امتحان تاريخي مصيري يتجاوز السياسة بمفهومها التقليدي، ويضع لبنان أمام لحظة مفصلية لاستعادة قراره السيادي".
من جهته، شدد النائب مارك ضو على أن "حزب الله بات يخشى من جلسة حكومية قد تُنهي خروجه عن الشرعية"، قائلاً: "لقد آن الأوان لعودة الجميع إلى كنف الدولة".
غطاء دستوري وتأييد دولي
النائبة ستريدا جعجع، عن حزب "القوات اللبنانية"، أكدت أن مجلس الوزراء هو الجهة المخولة دستورياً لوضع السياسة العامة في شتى المجالات، بما في ذلك الأمن والدفاع، مشيرة إلى أن "القرار السيادي اليوم يجب أن يُتخذ، بدعم شعبي ورسمي".
أما النائب السابق فارس سعيد، فشدّد على أن هذه الجلسة تمثل تجسيداً لقرار لبناني مدعوم عربياً ودولياً، يقضي ببسط سيادة الدولة على كامل أراضيها. وأشار إلى أن "الخطوط الإيرانية التي كانت تمد حزب الله بالسلاح عبر سوريا باتت مقطوعة، وعلى الدولة استغلال اللحظة والتفاوض من موقع قوة".
حلفاء الحزب يبدّلون مواقفهم
في تطور لافت، أعلن عدد من الحلفاء التقليديين لحزب الله تأييدهم الصريح لحصر السلاح بيد الدولة. وكان أبرز هذه المواقف من التيار الوطني الحر، برئاسة الوزير السابق جبران باسيل، الذي لطالما شكّل غطاءً سياسياً للحزب في الملفات الكبرى.
كذلك عبّر تيار المردة، عبر النائب طوني فرنجية، عن دعم واضح للدولة والجيش، قائلاً: "ما نحتاج إليه فعلاً هو حصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية. الرهان على الدولة هو ما سينقذ لبنان".
ويُعد هذا التحول مؤشراً على تراجع الزخم السياسي الداعم لحزب الله، خصوصاً في ضوء التداعيات الاقتصادية والأمنية الخطيرة التي يعيشها البلد، والتي يحمّل كثيرون الحزب مسؤوليتها، بسبب تدخله في نزاعات إقليمية وخروجه عن منطق الدولة.
موقف الحزب: لا تسليم دون انسحاب إسرائيلي
في المقابل، جدّد حزب الله تمسكه بسلاحه، مشدداً على أنه لن يسلم هذا السلاح إلا بانسحاب إسرائيل من خمس نقاط حدودية لا تزال تعتبرها بيروت "محتلة". وأكد الحزب انفتاحه على مناقشة ما يُعرف بـ"الاستراتيجية الدفاعية"، وهي عبارة فضفاضة استخدمت سابقاً لتأجيل أي حسم في هذا الملف، بحسب مراقبين.
رسائل في الميدان
وبالتزامن مع الجلسة، شهدت العاصمة بيروت وبعض المناطق الجنوبية تحركات مؤيدة لحزب الله، وصفها البعض بأنها رسائل "استباقية" لمنع أي قرارات قد تمس بسلاح الحزب. هذا فيما اتخذ الجيش اللبناني إجراءات أمنية استباقية وانتشر في محيط بعض المناطق الحساسة، في مؤشر واضح على استشعار وجود خطر انفجار الوضع ميدانياً.
لبنان أمام خيارين
بهذا المشهد، يجد لبنان نفسه أمام مفترق طرق: إما السير في طريق استعادة الدولة لهيبتها وسلطتها عبر قرارات حكومية جريئة ومدعومة شعبياً ودولياً، أو الاستمرار في حالة الانقسام والتوازنات الهشة التي أغرقت البلاد في أزمات متتالية.
الجلسة اليوم قد لا تحسم الملف بالكامل، لكنها بالتأكيد ستؤسس لمسار جديد في العلاقة بين الدولة والسلاح غير الشرعي، وتُمهّد إما لحلول تدريجية أو لمواجهات سياسية وربما ميدانية، لا أحد يملك التنبؤ بمداها.