المصدر / شيماء مصطفى
العدالة السورية تلاحق رموز النظام السابق داخلياً وخارجياً.. ومساءلة تشمل بشار وماهر الأسد وداعميهم من الميليشيات والجهات المتواطئة
دمشق تفتح ملفات الماضي: ملاحقات دولية تطال بشار وماهر الأسد عبر "الإنتربول"
رئيس هيئة العدالة السورية: لن يفلت أحد من العقاب.. والمحاسبة ستطال داعمي النظام وميليشيات حزب الله
في تحول لافت على الساحة السورية، أعلن عبد الباسط عبد اللطيف، رئيس هيئة العدالة السورية، في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت"، أن الهيئة بدأت فعلياً فتح قنوات اتصال مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) لملاحقة كبار مسؤولي النظام السوري السابق، وعلى رأسهم بشار الأسد وشقيقه ماهر، قائد الفرقة الرابعة، إلى جانب عدد من الشخصيات الأمنية والعسكرية المتورطة في الانتهاكات بحق الشعب السوري.
ويأتي هذا التطور في أعقاب تشكيل الهيئة بأمر من الرئيس السوري أحمد الشرع، كأحد أبرز أعمدة مرحلة "العدالة الانتقالية"، والتي تهدف إلى طي صفحة أكثر من عقد من القمع والعنف والانتهاكات، وسط دعوات واسعة لمحاسبة جميع المتورطين دون استثناء.
مذكرة مطاردة دولية تطال "رموز القمع"
وأكد عبد اللطيف أن العمل جارٍ بالتنسيق مع الهيئات الدولية لرفع ملفات قانونية مكتملة، تستند إلى وثائق وشهادات وبيانات حقوقية، تطالب بمحاكمة قادة النظام البائد أمام محاكم دولية. وقال: "نعمل على محاسبة كل من تلطخت أيديهم بدماء السوريين، بالطرق القانونية، سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها"، مشدداً على أن العدالة لن تتجزأ، ولا حصانة لأحد من العقاب.
حزب الله في مرمى العدالة
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أشار رئيس الهيئة إلى أن المساءلة لن تقتصر على مسؤولي النظام، بل ستمتد لتطال الميليشيات العابرة للحدود، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، الذي أكد تورط عناصر منه في جرائم موثقة بحق السوريين، ضمن سياق تدخل عسكري دام لسنوات.
المحاسبة لا تقتصر على العسكريين
وشدد عبد اللطيف على أن هيئة العدالة ستلاحق أيضاً رجال أعمال وشخصيات سياسية وإعلامية وفكرية كانت داعمة لنظام الأسد، قائلاً: "كل من برر أو موّل أو غطّى الجرائم والانتهاكات، سيكون ضمن دائرة المساءلة، بحسب نص المادة 49 من الإعلان الدستوري".
هيئة مستقلة... وآليات محكمة لتحقيق العدالة
بحسب المرسوم الجمهوري الصادر في 17 مايو 2025، تم إنشاء هيئة العدالة السورية كجهاز وطني مستقل مالياً وإدارياً، يعمل على كشف الحقائق، ومساءلة مرتكبي الجرائم، وجبر ضرر الضحايا، وترسيخ مبادئ المصالحة الوطنية ومنع تكرار المآسي.
وأشار عبد اللطيف إلى أن الهيئة وضعت خطة عمل شاملة تتضمن:
تشكيل لجان توثيق ومحاسبة.
إنشاء صندوق وطني لتعويض الضحايا مادياً ومعنوياً.
تقديم دعم نفسي واجتماعي للمتضررين.
إعادة إدماجهم في المجتمع.
إصلاح أجهزة القضاء والأمن والسجون، بما يضمن صون حقوق الإنسان.
الضحايا: من التعذيب إلى الإخفاء القسري
ووفق رئيس الهيئة، فإن "ضحايا النظام السابق لا يقتصرون على من فقدوا حياتهم، بل يشملون من تعرضوا للتعذيب، الإخفاء القسري، الإعاقة، تدمير المنازل، وفقدان المعيل". وأكد أن آلاف الملفات تم توثيقها بالتعاون مع منظمات حقوقية سورية ودولية، فيما لا تزال فرق العمل تستقبل شهادات جديدة لتوسيع قاعدة البيانات والمطالبات.
لا استثناء لأحد.. ولا إفلات من العقاب
وفي معرض رده عن شمول المساءلة بقية أفراد عائلة الأسد، أوضح عبد اللطيف أن الهيئة تتابع كل من تورط بالجرائم، بغض النظر عن موقعه أو انتمائه أو صلته بالنظام. وأضاف: "العدالة يجب أن تشمل الجميع، ومن تورط في الانتهاكات، سواء كان بيديه أو بلسانه أو بتمويله، يجب أن يحاسب".
أحداث الساحل والسويداء... ولجان مستقلة للتحقيق
وحول المجازر الأخيرة في الساحل السوري ومحافظة السويداء، أوضح أن تلك الأحداث خضعت لقرارات تحقيق منفصلة، وقد تم تشكيل لجان متخصصة لبحث الملابسات وتقديم نتائجها للسلطات المختصة، مؤكداً أن الهيئة معنية فقط بمرحلة ما قبل 8 ديسمبر 2024.
الرسالة الأخيرة للسوريين
وختم عبد اللطيف حديثه برسالة إلى السوريين قال فيها:
"آن الأوان لكشف الحقيقة، وإنصاف الضحايا، ومحاسبة الجناة، من دون استثناء أو انتقاء. نحن اليوم أمام فرصة تاريخية لبناء دولة المواطنة والعدالة، وإغلاق حقبة الظلم والاستبداد.. ولن نتهاون في السعي لإحقاق الحق، مهما كانت التحديات."