المصدر / شيماء مصطفى

الأمم المتحدة: أطفال الخرطوم "جلد على عظم".. ومجاعة وشيكة في الفاشر المحاصرة

"جلد على عظم".. صرخة من الخرطوم ومجاعة تخنق الفاشر

الأمم المتحدة تحذر من أسوأ كارثة إنسانية في العالم.. وأطفال السودان يواجهون شبح الموت جوعًا

بين أزقة الخرطوم المدمّرة، حيث تسكن الحرب تفاصيل الحياة اليومية، تتردد صرخات صامتة لأطفال لم يعودوا يملكون من طفولتهم سوى العظام المغطاة بجلد رقيق. "أطفال الخرطوم باتوا جلدًا على عظم"؛ هكذا وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) مشهدًا مروّعًا يعكس عمق الأزمة الإنسانية التي تضرب السودان في صمتٍ قاتل.

ففي ظل الحرب المستعرة منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لم تعد المعارك وحدها تحصد الأرواح، بل بات الجوع شريكًا في القتل، يستهدف الضعفاء أولاً — الأطفال.

الخرطوم.. مدينة تلتهمها المجاعة

بحسب اليونيسف، يعاني عشرات الآلاف من أطفال العاصمة السودانية من سوء تغذية حاد، في واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في العالم حاليًا. وقال ممثل المنظمة في السودان، شيلدون يت، إن ولايتي الخرطوم وجبل أولياء تتصدران المشهد المأساوي بنسبة تفوق 37% من حالات سوء التغذية.

"إنه أسوأ ما رأيناه"، يقول يت، بينما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 25 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في بلد مزّقته الحرب وهجّرته السياسة وأغرقته الأزمات.

الفاشر.. الجوع يطرق أبواب الموت

وإلى الغرب من البلاد، في مدينة الفاشر المحاصرة بولاية شمال دارفور، يتدهور الوضع بسرعة نحو مجاعة وشيكة، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

المدينة، التي تقع على بعد أكثر من ألف كيلومتر من العاصمة، تخضع منذ مايو 2024 لحصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، ما جعلها تُعاني من شحّ حاد في الغذاء والدواء والمياه.

إريك بيرديسون، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في شرق وجنوب إفريقيا، قال بوضوح: "القدرة على الصمود تلاشت بالكامل.. الأرواح ستزهق في غياب وصول فوري ومستدام للمساعدات".

في الفاشر، أصبح أكل النفايات وعلف الحيوانات خيارًا متاحًا لبعض العائلات للبقاء على قيد الحياة. وتظهر الإحصائيات أن حوالي 40% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، من بينهم 11% في حالة خطيرة قد تقود إلى الموت في أي لحظة.

أرقام تترجم الألم

25 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي

37% من أطفال الخرطوم يعانون من سوء تغذية

40% من أطفال الفاشر دون الخامسة مصابون بسوء تغذية حاد

11% منهم في وضع صحي حرج

المدينة محاصرة منذ أكثر من عام

حرب بلا نهاية.. ومأساة بلا ضوء

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، سقط عشرات الآلاف من القتلى، وهُجّر الملايين من ديارهم، فيما تحولت المدن الكبرى إلى ساحات قتال وأطلال خراب.

واليوم، وبينما ينشغل العالم بأخبار أخرى، يموت أطفال السودان جوعًا. لا برصاص الحرب، بل بنصل المجاعة، في انتظار استجابة عاجلة قد لا تأتي أبدًا