المصدر / شيماء مصطفى
جولة ليو جيان تشاو في واشنطن ونيويورك تثير الجدل وتضعه تحت الاستجواب
بكين تحقق مع مرشح محتمل لوزارة الخارجية بعد جولة مثيرة للجدل في واشنطن
في خطوة لافتة تكشف عن عمق الحراك الداخلي في أروقة السلطة الصينية، أفادت مصادر مطلعة بأن السلطات في بكين اقتادت الدبلوماسي المخضرم ليو جيان تشاو، المرشح الأبرز لتولي منصب وزير الخارجية، إلى الاستجواب فور عودته من جولة خارجية أواخر يوليو/تموز الماضي، وسط تكتم رسمي على أسباب التحقيق.
ليو، البالغ من العمر 61 عاماً، يُعد واحداً من أكثر الشخصيات نفوذاً في السلك الدبلوماسي الصيني، حيث يتولى منذ عامين رئاسة دائرة العلاقات الدولية بالحزب الشيوعي، وهي الذراع المعنية بإدارة التواصل مع الأحزاب السياسية حول العالم، خصوصاً في الدول الاشتراكية والنامية. وتاريخياً، لعب هذا الجهاز دوراً محورياً في رسم ملامح السياسة الخارجية الصينية بعيداً عن القنوات الدبلوماسية التقليدية.
وتشير السجلات الرسمية إلى أن آخر نشاطاته العلنية شملت زيارات إلى سنغافورة وجنوب إفريقيا والجزائر، إلا أن الأضواء تتركز على زيارته السابقة إلى واشنطن ونيويورك مطلع عام 2024، والتي التقى خلالها بمسؤولين أميركيين بارزين، بينهم وزير الخارجية الأميركي الأسبق أنتوني بلينكن، إضافة إلى رجال أعمال عالميين مثل ستيفن شوارتزمان وراي داليو.
ورغم أن الزيارة حظيت بإشادة بعض الدوائر الغربية لما أظهره ليو من انفتاح واستعداد للحوار، فإنها أثارت في المقابل حساسية داخلية في بكين، حيث رأت بعض الأوساط السياسية أن تقديمه نفسه بصورة "وزير الخارجية المقبل" قبل أي إعلان رسمي، تجاوزٌ غير مقبول للأعراف السياسية في النظام الصيني.
القضية تأخذ بعداً أكبر إذا ما وضعت في سياق حملة الانضباط الصارمة التي يقودها الرئيس شي جين بينغ منذ 2012، والتي أطاحت بملايين المسؤولين بتهم تراوحت بين الفساد، والإهمال الإداري، وتسريب أسرار الدولة. ويُنظر إلى التحقيق مع ليو باعتباره أرفع تحقيق دبلوماسي منذ الإطاحة بوزير الخارجية السابق تشين غانغ عام 2023، بعد علاقة شخصية كشفتها لجنة حزبية داخلية.
ويخشى مراقبون أن يشكل غياب ليو خسارة فادحة للخبرة الدبلوماسية الصينية في وقت حساس، إذ تواجه بكين تحديات متصاعدة في ملفات العلاقات مع الغرب، والتنافس مع واشنطن، وإدارة التحالفات الدولية. ويشير بعضهم إلى أن هذه التطورات تؤكد أن الولاء السياسي بات معياراً حاسماً في التعيينات القيادية، حتى على حساب الكفاءة والخبرة الطويلة.
وُلد ليو في إقليم جيلين شمال شرقي الصين، وتخرج في جامعة بكين للدراسات الأجنبية قبل أن يكمل دراساته في العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد، ليبدأ مسيرته مترجماً في وزارة الخارجية، ثم سفيراً في إندونيسيا والفلبين. وخلال مسيرته الممتدة، زار أكثر من 20 دولة والتقى بمسؤولين من أكثر من 160 دولة، مكتسباً شبكة علاقات واسعة جعلته أحد أبرز الوجوه الدبلوماسية في الصين المعاصرة.
ومع استمرار الغموض حول مصيره، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يشكل التحقيق مع ليو تصفية حسابات سياسية داخلية أم أنه جزء من استراتيجية أوسع لفرض الانضباط الصارم على النخبة السياسية والدبلوماسية الصينية؟