المصدر / شيماء مصطفى
آلية ادخار جماعية تعود لعقود تتحول إلى نموذج رقمي لمواجهة الغلاء والفوائد البنكية في المغرب
"دارت".. شبكة التضامن الشعبي التي تتحدى الغلاء وجشع البنوك في المغرب
في مواجهة موجات الغلاء وارتفاع أسعار الفائدة البنكية، يلجأ ملايين المغاربة إلى نظام اقتصادي تقليدي عريق يعرف باسم "دارت"، أو كما يُعرف في بلدان أخرى بـ"الجمعية"، باعتباره وسيلة ادخار جماعية تقوم على الثقة المتبادلة والتعاون المالي بين الأفراد.
يتمثل نظام "دارت" في اتفاق مجموعة من الأشخاص على دفع مبلغ مالي محدد بشكل دوري – أسبوعيًا أو شهريًا – إلى صندوق جماعي، على أن يتناوب كل فرد على استلام إجمالي المبلغ في موعده المخصص.
هذا النموذج، الذي يُمارَس منذ عقود، أصبح حلًا شعبيًا لتجاوز أعباء القروض البنكية وفوائدها المرتفعة التي تصل أحيانًا إلى 5%.
ملاذ الأسر في المواسم والأزمات
"دارت" ليست مجرد آلية ادخار، بل شبكة دعم اجتماعي، إذ تلجأ إليها الأسر في مناسبات متعددة، مثل العودة المدرسية، شهر رمضان، الأعياد الدينية، تنظيم حفلات الزفاف، شراء السيارات أو تجهيز المنازل.
وتؤكد عفاف، وهي موظفة حكومية، أن مشاركتها في "دارت" ساعدتها على تجنب "جشع البنوك" والاستدانة بفوائد تثقل كاهل الموظفين.
أما يوسف، وهو موظف في القطاع العام، فقد لجأ إلى "دارت" لشراء سيارة بعد أن حالت شروط البنوك دون حصوله على قرض، مشيرًا إلى أن نجاح التجربة مرهون باختيار مجموعة موثوقة لتفادي مشاكل التملص أو الاحتيال.
حجم الظاهرة بالأرقام
تقرير صادر عن بنك المغرب أشار إلى أن نحو 88% من المغاربة يشاركون في "دارت"، بإجمالي معاملات سنوي يناهز 40 مليار درهم، أي ما يعادل 28% من حجم الإيداعات البنكية في البلاد.
ورغم هذا الإقبال، يرى والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن "دارت" تحد من اندماج المواطنين في النظام المالي الرسمي.
من الكناش إلى التطبيقات الذكية
تقليديًا، كانت "دارت" تدار نقدًا، مع تدوين تفاصيلها في دفتر ورقي "الكناش". لكن مع التطور الرقمي، انتقلت التجربة إلى مستوى جديد، حيث تُدار عبر مجموعات واتساب أو تحويلات مصرفية مباشرة، مما يضيف شفافية أكبر ويسهّل تتبع المساهمات.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أطلق المهندس المغربي نبيل شكير تطبيقًا ذكيًا يسمح بإنشاء مجموعات ادخار، دعوة أعضاء جدد، وتتبع حركة الأموال بشكل آني، مع نظام إشعارات للتذكير بمواعيد الدفع.
ويؤكد شكير أن هذا التحول الرقمي يعزز الثقة بين المشاركين بفضل أدوات التوثيق الإلكتروني وحماية البيانات الشخصية، مما يجعل "دارت" أكثر أمانًا وملاءمة لعصر التكنولوجيا.