المصدر / شيماء مصطفى
شباب السودان يصنعون الأمل وسط الحرب ويقودون مقاومة رقمية عبر منصات التواصل
جيل Z في السودان.. من قلب الحرب إلى قمة المنصات
في بلدٍ تمزقه الحرب وتنهشه الأزمات، يتقدم جيلٌ وُلد من رماد الثورة والانقلاب، ليكتب فصلاً جديدًا في تاريخ السودان المعاصر، مستعينًا بهاتف ذكي وأمل لا ينكسر.
إنه جيل Z السوداني، شبابٌ تتراوح أعمارهم بين 13 و28 عامًا، لم يعرفوا من الاستقرار شيئًا، لكنهم صاروا رواد مقاومة رقمية، وصنّاع محتوى، ومبادرين ميدانيين، في بلدٍ تتهاوى فيه مؤسسات الدولة.
مقاومة رقمية من رحم الألم
رغم القصف، النزوح، وانهيار الخدمات، لا يزال هؤلاء الشبان ينشطون عبر مختلف المنصات:
تيك توك: منصة التعبير الأولى، حيث يُوثّقون مآسي الحرب بأسلوب ساخر أحيانًا، وجريء دائمًا.
فيسبوك وواتساب: أدوات للتنظيم، التواصل المجتمعي، والتجارة البسيطة.
يوتيوب وإنستغرام: نافذتان للتعلم، عرض المواهب، ومشاركة المبادرات.
تليغرام وتويتر/X: قنوات لتبادل المعلومات والآراء السياسية.
يتعلّمون رغم انقطاع المدارس
بغياب الدولة، تحوّل الإنترنت إلى المدرسة والجامعة. شباب وشابات يتعلمون البرمجة، اللغات، التسويق الرقمي، والفنون، ويوثقون الثقافة والتراث السوداني، من الأغاني الشعبية إلى اللهجات المحلية، خشية الذوبان في عالم سريع النسيان.
أحمد وسعاد.. وجوه من بين الركام
أحمد حيدر، شاب سوداني يبلغ 26 عامًا، يتابعه أكثر من 2 مليون شخص، ويقدّم محتوى كوميديًا اجتماعيًا، يقول:
> "نحن لا نضحك عبثًا.. الضحك مقاومة".
ويضيف:
"نريد فرصة فقط.. الجيل الحالي يملك كل ما يلزم للبناء، لكنه ينتظر أن يُسمع صوته".
سعاد، طالبة جامعية لم تستطع الالتحاق بالجامعة منذ 2019، تحوّلت إلى نجمة على "تيك توك"، توثّق قصتها، وتحكي عن جيل "تأجل حلمه مرات، لكنه لم يُطفأ".
من المحتوى إلى الميدان
بموازاة الحضور الرقمي، انخرط الشباب في عمليات الإغاثة الميدانية، وتحوّلوا إلى صحافيين مستقلين، يوثقون المجازر والدمار. وفي ظل انقطاع الإعلام الرسمي، أصبحت منصاتهم مصادر الأخبار شبه الوحيدة من الداخل السوداني.
قراءة سوسيولوجية: الجيل الذي يربك السلطة
تقول د. أسماء جمعة، الباحثة في علم الاجتماع:
> "هذا الجيل لم يختر الحرب، لكنه قرر ألا يكون ضحيتها الصامتة. إنه يُعيد تعريف المقاومة، بالهاتف واللغة والمبادرة".
وتحذر:
> "استمرار الحرب يعني خسارة مورد بشري نادر. هؤلاء الشباب نضجوا مبكرًا، ويمكنهم البناء متى أتيحت لهم الفرصة".
الأمل لا يموت
في بلدٍ تتآكل أطرافه، يبقى جيل Z آخر ما تبقى من الأمل.
جيل يُغرّد تحت القصف، ويبتكر وسط العتمة، ويغني الراب في الغربة.
جيل يقول للعالم:
"لم ننتهِ.. ولن نصمت".